Page 87 - web
P. 87
موضوع العدد مقالات وآراء
الوقاية من تعاطي المخدرات من أ.د خالد إبراهيم الكردي
المنظور النفسي الاجتماعي جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية
أصبـح تعاطـي المخـدرات مشـكلة وتحد ًيـا تواجهـه مختلـف المجتمعـات غنيهـا وفقيرهـا ،المتقـدم منهـا 86
والنامـي ،فقـد قـدرت الهيئـة الدوليـة لمراقبـة المخـدرات عـدد المتعاطني ـمرة واحـدة في العالـم بــ 250مليـون
شـخص ،في الوقـت نفسـه بلـغ عـدد المدمنني 27مليـون شـخص ،وفقـد 200ألـف شـخص حياتهـم بسـبب
تعاطـى المخـدرات.
ومـن الواضـح أن ازديـاد تعاطـي المخـدرات يهـدد أسـاليب وأنظمـة التعليـم والصحـة والعدالـة الجنائيـة
والرفاهيـة الاجتماعيـة والاقتصاديـة ،كمـا أنـه أدى إلى ازديـاد الجريمـة والتفـكك الأسـرى ،إضافـة إلى
معانـاة المتعاطـي مـن القلـق والتوتـر والإحبـاط والضغـوط النفسـية.
وهنـاك تأ يثرات سـلبية لازديـاد تعاطـي المخـدرات على الاقتصـاد العالمـي ومنطقـة الشـرق الأوسـط وشـمال
إفريقيـا ،وقـد قـدرت الهيئـة الدوليـة لمراقبـة المخـدرات ( )2017عائـدات تجـارة المخـدرات بـ 322مليـار دولار
أمريك ًيـا ،في الوقـت نفسـه فـإن تكاليـف عالج متعاطـي ومدمنـي المخـدرات تتراوح سـنويًا بني 250 – 200
مليـار دولار أمريكي.
وتعاطـي المخـدرات وإدمانهـا يعنـي حالـة نفسـية ،وفي بعـض الأحيـان عضويـة ،ناتجـة عـن التعامـل الـذي
يحـدث بني الفـرد والمخـدر ،ويتميـز باسـتجابات سـلوكية عـادة مـا تتقمـص داف ًعـا مل ًحـا لتنـاول وتعاطـي
المخـدر للح ـصول على آثـاره النفسـية.
وقد أكدت العديد من الدراسات أن تعاطي المخدرات ينتشر عادة بين الفئة العمرية ( )22-18سنة ،وهي
مرحلـة مهمـة في حيـاة الفـرد وإعـداده للمسـتقبل (مرحلـة الشـباب) .ويتميـز متعاطـي المخـدرات بشـخصية
قلقـة تجنبيـة ،فاقـدة للأمـن النفسي ،عصبـي يشـعر بالنقـص وانخفـاض التوافـق النفسي والاجتماعـي،
كما أنه يميل اجتماع ًيا إلى العزلة الاجتماعية ،ونقص في الشعور بالمسؤولية ،وانعدام الثقة في الآخرين.
ويقصـد بالمخـدرات كل مـادة خـام ،أو مسـتحضرة ،أو تخليقيـة ،تحتـوي على عناصـر منومـة أو مسـكنة
أو م تفرة ،مـن شـأنها إذا اسـتخدمت في غير الأ ـغراض الطبيـة ،أن تـؤدي إلى حالـة مـن التعـود أو الإدمـان،
مسـببة الضـرر النفسي أو الجسـماني للفـرد والمجتمـع.
ويعترب تعاطـي المخـدرات وإدمانهـا قضيـة متعـددة الجوانـب ،لا يمكـن فصلهـا بـأي حـال مـن الأحـوال عـن
الأو ـضاع والظـروف الاجتماعيـة السـائدة في المجتمـع ،ومـن الصعـب مواجهتهـا أمن ًيـا فقـط ،لـذا لا بـد مـن
تحليـل مثـل هـذه الظـروف نفسـ ًيا واجتماع ًيـا وطب ًيـا وقانون ًيـا واقتصاد ًيـا ،وزيـادة الجهـد العلمـي والبحثـي
لدراسـة كافـة المت يغرات ذات العلاقـة بالمخـدرات وتعاطيهـا ،لأن وجـود التعاطـي مؤشـر واضـح وقـوي على
وجـود الظا ـهرة.
وهنـا يربز وبشـكل واضـح ،دور جامعـة نايـف
العربيـة للعلـوم الأمنيـة ،بيـت الخربة العلميـة
العربيـة ،التـي تقـوم بـدور فعـال في الوقايـة مـن
المخـدرات ،بعقدهـا المؤت ـمرات والملتقيـات العلميـة،
وإقامتهـا للـورش التدريبيـة ،واهتمامهـا الكبير
بالنشـر العلمـي للدراسـات والبحـوث ،التـي
تتنـاول تعاطـى المخـدرات وإدمانهـا ،وتمشـ ًيا مـع
الخطـة الإ تسراتيجية للجامعـة أنشـأت كليـة علـوم